=KTML_Bold=اللغة الكردية.. اللغة الأسيرة=KTML_End=
=KTML_Underline=رؤوف قره قوجان=KTML_End=
في الآونة الأخيرة، جرت نقاشات في تركيا حول قبول اللغة الكردية كدرس اختياري. وقد قبِل البعض بهذا الطرح فيما رفضه آخرون. وأكثر من يدافع عن هذا الرأي هي وسائل الإعلام في جنوب كردستان وبعض الدوائر العنصرية والرجعية.
ما مدى فائدة هذه المناقشات حول لغة أسيرة، وماذا تعني، وكيف ينبغي قراءتها؟
من أجل تناول المناقشات حول اللغة الأم، يجب أن ننظر أولاً إلى تعريف اللغة.
اللغة أحد أسباب وجود المجتمع، وهي أهم عنصر في تغيير الثقافة أو التعبير عنها. القائد عبد الله أوجلان يتطرق إلى اللغة الكردية في مرافعاته. يقول القائد: اللغة نفسها هي التكامل الاجتماعي للذهنية والأخلاق والمشاعر الجمالية والعاطفية، والهوية ووجود المعنى والمشاعر.
تثبت الهجمات على اللغة الكردية أن هناك استعمار للشعب الكردي. والحظر المفروض على اللغة والثقافة هدفه الإبادة الجماعية للشعب، ومن خلال هذا الحظر ظلوا يحاولون منذ سنوات، صهر المجتمع وحله داخل الدولة المهيمنة وتركه بلا هوية. إن ميدان اللغة والثقافة هو الأكثر تأثراً وترسيخاً لحالة الاستعمار. وتم إدراج لغة الأمة المهيمنة، وهي اللغة الرسمية للدولة في جميع مناحي الحياة. كما تم تغيير جميع الأسماء الموجودة باللغة الأم، وتقييد حرية التعبير في جميع مجالات الحياة. إن تشكيل مجتمع مريض هو نتيجة للحظر والصهر المفروض في مجال اللغة والثقافة.
يبدأ البعد عن اللغة الأم في المدارس، ويمتد إلى السوق، وفي الدوائر الحكومية، وفي مجالات الحياة اليومية، وحتى يمتد إلى المنازل أيضاً. وتكاد لا توجد لغة أم في المنازل الآن. نتيجة سياسات الصهر التي اتبعتها الدولة الديكتاتورية، يُحرم الناس من لغتهم الأصلية، لقد وصل الأمر الآن إلى حد الصهر الذاتي.
الصهر الذاتي يعني ابتعاد شخص أو مكون ما أو شعب، عن قصد أو بدون قصد عن لغته، وترك نفسه دون حماية إزاء عملية الصهر، وفتح الطريق أمام إنكار الذات. لماذا يبتعد الناس عن لغتهم الأم ويقبلون بما يفرضه نظام استبدادي استعماري؟ لماذا يدخل الإنسان، عن قصد أو بغير قصد، في نظام الدولة الديكتاتورية ويصبح عدواً لنفسه؟ لماذا تقبل ثقافة ولغة الدولة الاستعمارية وتصبح واحداً منهم، غريباً عن لغتك وثقافتك؟ لا يمكن تفسير الصهر الذاتي دون فهم هذا الموقف.
هناك الكثير من الهجمات على اللغة والثقافة لدرجة أنه لم يعد يوجد لها أي بيئة تقريباً. كما يفعلون مع الكرد اليوم، فحتى الغناء في الشوارع محظور ويصبح سبباً للاعتقال. التحدث بلغتك الأم، والعيش بثقافتك الخاصة أصبح تخلفاً. والأشخاص الذين لا ينقذون أنفسهم من هذا المفهوم، يتوجهون نحو اللغة والثقافة السائدة للأمة المهيمنة، وبذلك يتم صهرهم بسهولة. ونتيجة لذلك فإنهم ينكرون أنفسهم ويتوجهون نحو الخيانة.
اللغة الأم حق طبيعي. إن حظرها وحجبها وتجاهلها هو أسلوب غالباً ما تستخدمه الدول الاستعمارية. إذ يبدأ الصهر بالتمييز والتهميش واللغة والثقافة. إنه شكل من أشكال الإبادة الجماعية التي تعرف بالإبادة الجماعية البيضاء، والقائمة على حرمان المجتمع من لغته الأم.
المعنى الآخر للغة؛ أنها تراكم للوعي والأفكار والقيم الأخلاقية والعاطفية، وحظرها يعني الحرمان من هذه القيم، وإن لم يتم إدراك هذه الحقيقة، فلا يمكن استخلاص استنتاجات مفيدة من مناقشات الدروس الاختيارية. هناك مقولة مأثورة تقول ذهبت الطاحونة، وهو يركض وراء الحصادة. هذه أفضل إجابة على أولئك الذين يدافعون عن الدروس الاختيارية.
سياسات الدول الاستعمارية قائمة على تصميمات بناء الدولة القومية. والدولة القومية هي مصدر الذهنية الأحادية. وكما يذكر مسؤولو الدولة التركية في كثير من الأحيان؛ دولة واحدة وأمة واحدة وطن واحد وعلم واحد، وتحقق أهدافها من خلال ارتكاب المجازر والصهر ضد جميع المكونات المختلفة. هذا ما تم في كردستان وفُرض على الشعب الكردي. يجب اعتبار الدروس الاختيارية كأحد هذه الممارسات، وما لم تتغير هذه العقلية ستستمر الضغوط على اللغة والثقافة الأم.
لماذا تريد الدولة الديكتاتورية التي تحظر اللغة الكردية تدريس اللغة الكردية كدرس اختياري، أو كيف ستفيد هذه الدروس الشعب الكردي؟
تشير اللغة إلى مستوى تطور المجتمع، ويتم إعاقة تطور المجتمع من خلال الحظر المفروض على اللغة والثقافة الأم. لا يسمح الاستعمار للمجتمع بالازدهار ولا يسمح له بالحياة أيضاً. هذا الوضع متعلق بوجود المجتمع، ويجب أن ننظر إلى حظر الثقافة واللغة وسياسات الصهر من هذا المنظور.
من منا يستوعب شعور الأم التي لا تجيد التحدث باللغة التركية لكنها مجبرة على أن تقول لابنها في السجن كامبر أتيش نا سيل سين؟ (أي بمعنى كامبر آتيش، كيف حالك؟)؟ إن الدروس الاختيارية للدولة التركية التي تمارس كل هذا الاضطهاد، ليست مكرمة منها؛ بل إن هدفها هو فرض قبول الحالة الاستعمارية. لا يمكن القبول بحظر اللغة الكردية.
انعدام التعليم باللغة الأم هو السبب الرئيس للمشكلة القومية الكردية، وهذا إنكار كبير. إن الاعتراف باللغة والثقافة يعني أيضاً الاعتراف بالكرد، وعلى الرغم من اختلاف الوضع في العراق وإيران إلى حد ما، إلا أن المشاكل في جميع الأجزاء متشابهة. المسألة الكردية هي مسألة أمة مستعمرة. إذا أرادت الدول الاستعمارية حل المشكلة الكردية، فعليها أن تنهي الحظر المفروض على اللغة الكردية والأسر الثقافي.
بالنسبة للكرد، فإن الدروس الاختيارية هي نقاش رجعي. إذ أن للشعب الكردي الحق في استخدام وتعلم لغته دون أي قيود. ولا ينبغي أبداً الادعاء بأن الدرس الاختياري كافٍ. القومية الكردية التقليدية تدعم هذا التوجه، لأنها جاهزة لتقبل سياسات الدولة التركية. إنها مسألة مصالح.
اللغة الكردية قديمة جداً، بحيث لا يمكن أن تتحول إلى دروس اختيارية. والنضال في مجال اللغة والثقافة هو في الوقت نفسه نضال من أجل الوجود. لا يمكن للشعب الكردي التخلي عن هذا النضال.
بالتزامن مع اليوم العالمي للغة الأمم، يجب أن يكون هذا هو الرد الأكثر جدوى ضد العدو. يجب على كل كردي أن يعرف أن من حقنا المشروع أن نتعلم ونقرأ ونكتب بلغتنا الأم ونعلّمها. يجب اعتبار حماية لغتنا الأم من أهم مجالات النضال من أجل الحرية.[1]