إن موقع مدينة #جنديرس#, الواقعة على بعد (25) كم إلى الغرب من مدينة #عفرين#, هو من الأماكن المأهولة منذ القدم, بسبب توفر شروط الاستقرار والسكن, حيث السهول الخصبة والقرب من نهر عفرين والوقوع على الطريق الروماني القديم الذي يصل إنطاكيا بمدينة كورش القديمة, وفلسطين ومصر بالأناضول.الحي الجنوبي من المدينة بني على أنقاض جنديرس القديمة, ففي العام (1996) وخلال عملية الحفر لأساس البناء، تم العثور على أدوات وتماثيل من البرونز والمعادن الثمينة, وقد اعتبر الأثريون المكان ورشة صناعية من العهود القديمة.يقع تل جنديرس الأثري في الجهة الجنوبية من المدينة, وهو الموقع الأكثر أهميةً فيها, وتم تسجيله تلاً أثرياً في محافظة حلب بموجب القرار (266).يغطي التل مساحة ( 400 × 500) متر مربع, ويبلغ ارتفاعه (20) متراً, وأشارت الفخاريات واللقى الأثرية الأخرى إلى استيطان المنطقة من العصر الحلفي وحتى القرن السادس الميلادي. تولت بعثة سورية – ألمانية مشتركة التنقيب فيه بين العامين (1993 – 1996), ولأول مرة بعد تنقيبات البعثة الأميركية في سهل إنطاكية منذ ستين سنة تم اكتشاف سويات بناء متعاقبة تمتد من منتصف الألف الثاني ق.م إلى أوائل العصر البيزنطي في القرن السادس الميلادي, بحسب الدكتور ديترش, الذي يعتقد أيضاً بأن مستوطنة تل جنديرس كانت خلال الألف الثاني قبل الميلاد مدينة حصينة وضخمة وأصبح واضحاً– والكلام ما زال له– أن السور الأساسي للحصن الذي يبلغ عرضه ( أمتار يعود لذلك التاريخ, فعلى طول المنحدر الغربي وقمته الشمالية الغربية لا تزال تُشاهد أساسات ذلك السور الدفاعي المنيع والذي يمتد حوالي (325) متراً إلى الشمال و(100) متر إلى الشرق. و يضيف الدكتور ديترش: إن استمرار التنقيب يمكن أن يبين ما إذا كان مركزاً إدارياً أم دينياً، قد بني في القطاع الشمالي الشرقي تكبير الصورة للتل خلال الألف الأول ق . م أو قبل ذلك بقليل, الأمر الذي لا بد من توقعه في حال كانت مطابقة تل جنديرس بكينالوا عاصمة مملكة أونكي/باتن الحثية صحيحة.اسم الموقع– والكلام دائماً للدكتور ديترش– خلال العصر الروماني– الهلينستي هو (جينداروس)، ولا بد أن نضع في حسباننا مطابقة الموقع مع عاصمة مملكة أونكي باتن الحثية في الألف الأول قبل الميلاد, حيث تقدم حوليات آشور ناصر بعل الثاني لمحة هامة حوله, ففي العام (876) ق . م سار الجيش الآشوري من كركميش إلى عزازوم «إعزاز الحالية»، حيث وصل الجيش وعبر نهر عفرين خلال يوم واحد وقضى الليل على الضفة الغربية, و بعد مسير يوم آخر و صل إلى كينالوا, وبما أن إعزاز تبعد عن النهر مسافة (25) كم، فإن المسافة بين معسكر الجيش وكينالوا مماثلة تقريبا،ً ولا يوجد أي موقع آخر في عفرين تنطبق عليه المواصفات الجغرافية والتاريخية باستثناء جنديرس, فلا شك إذاً بأنها مدينة كينالوا الحثية.وبانتظار الانتهاء من عمليات التنقيب, لتوضع نتائج البحث أمام الأثريين والمؤرخين, فيكملوا بها النقص والغموض والإبهام في بعض جوانب تاريخ بلدنا والمنطقة والعالم.
المصدر : موقع عفرين تيريج[1]