#فؤاد حمه خورشيد#
ان العناصر الاساسية لتكوين اي دولة مستقلة في النظام الدولي (بعد تأسيس عصبة الامم ثم هيئة الامم المتحدة) هي معايير بسيطة وسهلة وتتلخص بما يلي :
1- الاقليم ، أو الوطن القومي ، ومن هذه الناحية تقدر مساحة كوردستان ، وهي الوطن القومي للامة الكوردية ب 500000 كم مربع، وهي مساحن متوسطة مقارنة بمساحة الدول ذات المساحة العملاقة كروسيا البالغة 17 مليون كم مربع ، مع ذلك فان مساحة كوردستان اكبر من مساحة لبنان ب 48 مرة، واكبر من اسرائيل ب 23 مرة ، واكبر من البانيا ب 17 مرة ، واكبر من مساحة جمهورية الجيك ب 6 مرات .
2- تكوين اثني (سكان) ، وفي هذا الجانب يقدر عدد افراد الامة الكوردين في وطنها كوردستان بمابين 30 – 40 مليون نسمة، وهو رقم يفوق عدد سكان الكثير من الدول المستقلة الاعضاء في الامم المتحدة الان ، وهم بهذا الحجم يشكلون رابع اكبر امة ، اوقومية في الشرق الاوسط لا دولة لها لحد الان، وفي الجغرافية السياسية والقانون الدولي لا توجد هناك رقم محدد لا لمساحة الدولة ، ولا لعدد سكانها كشرط لكي تمنح الاستقلال ، ومن شأن هذه المساحة، وهذا العدد السكاني ان يمنح كوردستان الشكل الامثل للدولة المستقلة في الشرق الاوسط .
3- قيادة اوسلطة او ادارة مقبولة من قبل كل أو غالبية السكان . وهنا ربما يكمن الاشكال الرئيسي عند الكورد ، والسبب في ذلك هو حرمان الكورد من قبل القوى الاجنبية المسيطرة والمجزئة لكوردستان منذ قرون لوحدتهم القومية ، ومحاربة نضالهم ووحدتهم القومية في اجزاء كوردستان الاربعة الملحقة بكل من ايران وتركيا والعراق وسوريا .
4-اقتصاد داخلي يضمن العيش والامن الغدائي. وفي هذا الجانب كانت كوردستان ولاتزال تعتبر واحدة من اهم سلال الخبز في الشرق الاوسط من الناحية الزراعية، كما ان غناها بالموارد الطبيعية ، وبخاصة النفط والغاز، زاد من قيمتها الاقتصادية والاستراتيجية ، ومن تكالب القوى الاجنبية ضد تطلعات شعبها في الحرية والاستقلال.
5- السيادة وتعني الاعتراف الدولي بسلطة ادارة او قيادة ذلك الاقليم الداخلية والخارجية من خلال قبولة عضوا في المجتمع الدولي والاعتراف به لتصبح دولة ذات سيادة كاملة على سكانها واراضيها وجدودها ومواردها واجوائها ، اي منح الدولة مقعدا في هيئة الامم المتحدة .
لوطبقت هذة الاسس والمعايير على كوردستان ، عند رسم خارطة الشرق الاوسط من قبل الدول الاستعمارية الحليفة بعد الحرب العالمية الاولى ، لوجدناها كانت تفتقر الى عنصرين اساسيين منها ، هما الثالث والخامس لذلك اعتبرت ، وخاصة بعد تعذر تطبيق معاهدة سيفر عام 1920 ،هي وسكانها ، مجرد غنيمة جغرافية من غنائم الحرب اضيفت وفق المساحات المحصصة لدول الحلفاء المساهمين في معاهدة سايكس – بيكو ، باستثناء ذلك الجزء الذي خضع لتركيا بموجب معاهدة لوزان لعام 1923.
فبريطانيا ، في مباحثات لوزان ،حرصت على ان تبقى كوردستان الجنوبية(ولاية الموصل) بثرواتها النفطية برمتها ضمن مناطق احتلالها قبل ان تتبلور فكرة الحاق هذه الولاية الغنية بالنفط بدولة العراق التي انشئت فيما بعد ، ومن اجل هذا الهدف استطاعت بريطانيا ان تقنع فرنسا في عام 1919 بالتنازل عن منطقة بهدينان، من ولاية الموصل والتي كانت من حصة فرنسا بموجب معاهدة سايكس-بيكو ، وضمها الى مناطق احتلالها مقابل منحها حصة من نفط الولاية .
وقبل ان تتبلور فكرة الحاق كوردستان الجنوبية بدولة العراق، المزمع اقامتها للملك فيصل من قبل الانكليز، كانت هناك فكرتان حول مصيرها في الدوائر السياسية البريطانية:
1 – وزارة المستعمرات كانت تطالب بتحويلها،في الفترة من اواسط1921 ولغاية نهاية 1922، الى دولة كوردية ذات ادارة ذاتية تحت الاشراف البريطاني لتكون دولة حاجزة بين مناطق النفوذ البريطاني في بلاد ما بين النهرين والدول الاخرى.
2 - في حين كان المندوب السامي البريطاني في بغداد يلح ، كسابقه ولسن ، بدمج ولاية الموصل بكاملها بدولة العربية المزمع تأسيسها في ولايتي بغداد والبصرة لضرورات استراتيجية واقتصادية لتلك الدولة.
وكانت النتيجة قبول وزير المستعمرات ونسن تشرشل بفكرة المندوب السامي وايدها واقرتها الحكومة البريطانية، ثم اقر مجلس عصبة الامم الحاق الولاية بالعراق رسميا في 16 كانون الاول 1925 ، وهكذا اصبحت حقول النفط في كوردستان الجنوبية من حصة بريطانيا والعراق لاحقا ، لذلك لم تلتفت الى حقوق الشعب الكوردي ، وبذلك أصبح النفط نقمة على كوردستان وليس نعمة عليها في السياسة الدولية ، وهذا يحمل بريطانيا اعباء وتبعات الجزء الاكبر لكل المأسي والمظالم التي حلت بالكورد في كوردستان الجنوبية منذ معاهدة سيفر وحتى يومنا هذا .
وعلى ضوء جملة من التغيرات السياسية والدبلوماسية والعسكرية رسمت خارطة جديدة لدول جديدة في الشرق الاوسط ، كانت الضحية فيها دولة كوردستان ، وبرزت فيها دول تركيا والعراق وسوريا الحديثة.
وهنا اود ان استشهد بثلاثة اقوال حول هذا الموضوع :
فالسيد (سكومو نكديمو) يقول حول الموضوع :( رسمت حدود المنطقة بين زجاجات الويسكي والكافيار وفق اسس وتقديرات باردة ومصالح وحشية تحت تاثير القوة ، لقد قامت الدول الكبرى بتمزيق الشعوب والقبائل وايقاع الظلم بالعديد من الشعوب ومنها الشعب الكوردي) .
أما السيدان (بيا سالنجر) و ( ارك لوران) فيقولان: (تعتبر الفكرة التالية افضل تعبير عن هذا الواقع:( العراق حصيلة نوبة جنونية أصابت تشرشل الذي اراد الجمع بين حقول النفط ولهذا السبب جمع ثلاثة من الشعوب التي لا يجمعها جامع ، الكورد والسنة والشيعة) .
وقول السيد (جورج انلونيوس): ( كانت رغبة بريطانيا في وضع اليد على منابع نفط ولاية الموصل- بما فيها كركوك – نتج عنها ضم الولاية برمتها الى الدولة العربية الحديثة وصيرورتها اقليما من اقاليمها ، والفضل في هذا يرجع الى الدبلوماسية البريطانية ، وهذا ادى الى تعاون فعال ووثيق انكلو- عراقي بخصوص التصدي للقضية الكوردية ، فالكورد يعيشون في قلب منطقة الشرق الاوسط الغني بالنفط وهذا ما يوحد ضدهم بعد اكتشافه كل الحكومات الطامعة بهذه الثروة .) وهذا يعني ان بريطانيا كانت مهتمة بمصالحها النفطية وليس بمصالح الامة الكوردية .[1]