البروفيسور تمر ماير مدير مركز روهاتين لشؤون العالم و الباحث في مجال مسائل الشرق الأوسط و الأرهاب، تحدث عن مسألة مخاطر ارهابيي داعش و تغيير ظاهرة الأرهاب من ظاهرة غير دولية الى لعبة دولية و قلق بعض الدول في التحالف ضد داعش حول كيفية المشاركة في هذه الحرب و كذلك دور قوات البيشمركة المتميز، تحدث عن هذه المسائل في اللقاء الذي اجرته معه كولان:
ترجمة/ بهاءالدين جلال
* قبل تغيير اسمه الى داعش، كان التنظيم ارهابياً فاعلاَ غير دولي، ولكن في اواسط عام 2014 اعلن الخلافة، وهذا يعني انّ العالم سيواجه دولة ارهابية عليه محاربتها، وهذا أمر ليس بالهين، لأن التنظيم يحتل ارضاً واسعة و يمتلك قوات بشرية و اقتصادية، السؤال هو لماذا غيّر داعش مفهوم الأرهاب؟
- بالتأكيد، لقد عمل داعش هذا بأسلوبين و اجرى التغيير في مفهوم الأرهاب، المجاميع الأرهابية السابقة كانت بأحجام اصغر و لها نزعات محلية، حيث كانت دول الغرب تعتبرها مجاميع قومية متشددة، تحولت الى الأرهاب بسبب عدم امتلاكها لدول، الخلاف في هذا المفهوم هو ان داعش لايلتزم بأي مكان، بل انه يريد انشاء الخلافة و توسيع سلطاتها في الشرق الأوسط ومن ثم الى عموم العالم، أي الى المحيط الأطلسي و شمال افريقيا ونيجيريا، اعتقد ان اول شىء غيّره هو مفهوم الأرهاب، اما الثاني هو توجيه الأرهاب الى القساوة و الوحشية، حيث يتصرف داعش و يتعامل بكل عنجهية و اجرام مع الناس الأبرياء.
* لقد تفهم العالم بأنه لايمكن دحر داعش عن طريق القوة الجوية فحسب، بل العملية بحاجة الى مشاركة قوات أخرى، وعلى سبيل المثال الدول الأسلامية التي لم تستطع منذ اعلان الدولة الأسلامية من قبل داعش عقد مؤتمر بهذا الشأن، و كذلك اتحاد علماء الدين الأسلامي العالمي الذي لم يعبّر عن موقفه أو حتى ادانة جرائم داعش، ماهي اهمية مشاركة الدول الأسلامية في التحالف المعادي لداعش؟
- في البداية يجب انْ نعرّف من هي الدول الأسلامية، هل نتحدث عن باكستان أم السعودية أم دول اسلامية اخرى التي تدخل ضمن تعريفكم؟ هل هي في حقل( مصر أم الأردن)؟ ينبغي ان نكون حذرين في التعريف، لقد كان الهدف من انشاء باكستان هو انْ تصبح دولة لعموم المسلمين، ولكنها فشلت في تحقيق هذا الهدف، هذه ليست مهمة مصر و الأردن و سوريا و لبنان، اعتقد ان يكون السؤال بالشكل الآتي: ماهي وجهة نظر الدول العربية و ليست الأسلامية ازاء داعش؟ وهذا هو السؤال الحقيقي.
* دخلت دول اسلامية قليلة في التحالف المعادي لداعش، و معظم الدول الأخرى هي دول مسيحية أو غربية، الى أي مدى يمكن انْ تتحول هذه الحرب الى الحرب بين الأسلام و المسيحية؟
- هذا سؤال صائب جداً، اعتقد انّ الدول الأسلامية اذا ارادت البقاء كدول ذات سيادة، عليها محاربة داعش، لأن الأخير يسعى الى الأنتشار في عموم العالم الأسلامي في ظل خلافة اسلامية موحدة، وفي ظل الخلافة لن يبقى للنظام الدولي أي وجود، لاأعتقد أنْ يتطلب الأمر تقسيماً بين العالمين المسيحي و الأسلامي، واذا كانت دول العالم ذات سيادة مثل باكستان و آذربايجان و كازاخستان و قيرغستان مع النظام الدولي فينبغي عليها محاربة داعش،والاّ لم تبق كدول.
* كيف يمكن منع الدول التي تقدم الدعم أو التأييد الى دعش سراً؟
- انظروا الى قطر، ولو انني غير متأكد، ولكن قرأتُ انها تؤيده و تقدّم الدعم له، و في الوقت ذاته مهم جداً ان تبقى قطر كعضو في المنظمة الدولية، لا ادري، قد يجوز أنْ تتطلع الى السيطرة على بعض نشاطات داعش عن طريق تأمين الأموال لبعض نشاطاته، و لكن في كل الأحوال فإنّ التقسيم بين الأسلام و المسيحية أمر في غاية الخطورة.
* استطاع الكورد محاربة داعش بكل صدق و جرأة و تغيير مسار الحرب و ايقاف الهجمات، الى أي مدى على العالم الحر تقدير الموقف الكوردي هذا؟
- بالتأكيد، يجب وضع هذا الموقف في الأعتبار، لقد راقبتُ شخصياً ما عاناه الكورد لسنوات طويلة، اعتقد ان العالم يتفهم الآن هذا الموقف، لقد اولى العالم الأهتمام لما تعرض له الكورد في ثمانينيات القرن الماضي بمدينة حلبجة وهم اجدر بالأهتمام، اعتقد ان الكورد حسناً يفعلون و قوات البيشمركة تقاتل بأعجاز و تفاني، انا أؤيد ذلك، ولكن هناك من يختلف معي، وفي كل الأحوال ما تفعلون يثير اعجاب العالم.
* لقد تعرض الكورد الأزديون الى مجازر جماعية و تعرضت نساؤهم الى الأغتصاب و تم بيعهن في الأسواق، والعالم يشهد ذلك علناً، كل هذا حدث في القرن ال 21 و كل مايحدث سيراه العالم خلال دقائق قليلة، الا تكفي هذه الجرائم لأعتبارها ابادة جماعية لشعب يريد العيش بسلام؟
- انا متفق على ذلك و اعتقد انّ جرائم داعش في سنجار هي جريمة ابادة جماعية ، و بالأمكان نقل هذه القضية الى مستوى آخر من خلال محاكمة مرتكبي هذه الجريمة أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي.
* هل يستطيع ضحايا سنجار تسلم التعويضات من المجتمع الدولي أو من المحكمة الدولية؟
- المحكمة الدولية لا تمنح التعويضات، المحاكم لاتدفع التعويضات، من واجبها فقط الأبلاغ عن المتهم و العقوبات قد تكون السجن، أو اجبار المتهم بدفع التعويضات ولكن لاتوجد هناك آلية للأعتماد عليها لتسلم التعويضات، و كما اشرت لا المحاكم و لا المجتمع الدولي تدفع التعويضات، وانما على مرتكبي الجرائم دفعها و هذه عملية صعبة و معقدة، انا اتذكر ماحدث في رواندا أو في شيلي او البلقان عندما تم احضار افراد امام المحكمة الدولية و المسؤولين عن الأبادة الجماعية، ولكن لم يُعلن عن قيام العالم بتعويض المتضررين.
* يبلغ عدد سكان اقليم كوردستان حوالي خمسة ملايين نسمة، ولقد توجه اليه الآن اكثر من مليوني شخص من النازحين و اللاجئين من العراقيين و السوريين و المسيحيين و الأزديين و المسيحيين، كما ان امكانياته محدودة بسبب الحصار الأقتصادي الذي فرضته عليه الحكومة الأتحادية، و المساعدات الدولية هي الأخرى كانت دون المستوى المطلوب، الى جانب قرب حلول موسم الشتاء القارس، واذا كانت الدول الغربية و المجتمع الدولي لا ترغب في ارسال جنودها الى العراق مرة اخرى فإنها تستطيع على الأقل ارسال مساعدات انسانية و منع وقوع كارثة انسانية، اذاً ما سبب الأهمال و التقصير في هذا الجانب؟
- هناك مشكلة انسانية كبيرة جداً فيما يتعلق بالنازحين في الأردن، و العالم لا يقدم الدعم الحقيقي لهم، ويبلغ عددهم نحو مليون نازح، و بالنسبة للأمم المتحدة فإنها تعمل وفق امكانياتها، اما معظم الدول لاتتحرك ساكناً ازاء هذه الأوضاع الأنسانية السيئة.
* نلاحظ ان حلفاء امريكا في المنطقة و لاسيما تركيا و دول الخليج لاتتعاون بالشكل المطلوب مع الولايات المتحدة الأمريكية، و انما تقدم الدعم لجبهة النصرة و هي جزء من القاعدة، اذاَ كيف تفسّر تقاعس هذه الدول ازاء الحرب ضد داعش؟
- كلا، لا اعتقد ما تشيرون اليه هو الصحيح، ان امريكا تريد محاربة داعش، و لكنها تعيش في وضع معقد، لأن تلك الدول لو حاربت داعش قد يُفسّر بأنها ساندت لأسد، اذاً المسألة معقدة، و اذا حاربت داعش فإن ذلك يعني انها تدعم الأسد، ولكن كيف يمكن انْ يحدث ذلك؟ لأن الأسد يذبح ابناء وطنه، لذا اعتقد ان امريكا تعيش في وضع صعب جداً فيما يتعلق بمحاربة داعش.[1]