رأت الرئيسة السابقة للمفوضية الأميركية للحريات الدينية الدولية نادين ماينز، أن#الإدارة الذاتية# لشمال وشرق سوريا، أنتجت واحدة من أفضل حالات الحرية الدينية بالمنطقة.
وتحدثت نادين ماينز في مقابلة مع شبكة رووداو الاعلامية أجراها معها نوينر فاتح، حول الوضع السوري المعقد، بعد عودتها من زيارة إلى سوريا، وعن التغيرات المتسارعة والمزيج من مشاعر الأمل والقلق التي تلمسها لدى المكونات المختلفة، لاسيما الأقليات الدينية والقومية، في ظل التغيرات السياسية والأمنية الأخيرة في البلاد.
وأشارت نادين ماينز الى تجربة الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، التي تمكنت من تحقيق مستوى ملحوظ من الحرية الدينية والتعايش الاجتماعي، مؤكدة على جهود وحدة الصف الكوردي، لاسيما بين الأطراف الكوردية والإدارة الذاتية.
وأدناه نص المقابلة:
رووداو: لقد عدتِ للتو من سوريا. هذا مثير للاهتمام للغاية. أخبريني، كما قلتِ لي سابقاً، كنتِ في روجآفا (شمال شرق سوريا) في شباط والآن قمتِ بزيارة دمشق. كيف كانت زيارتك الأخيرة؟
نادين ماينز: كانت مثيرة للاهتمام جداً في الشمال الشرقي. لقد زرتها حوالي 12 مرة خلال السنوات الخمس أو الست الماضية، ودرست بعمق كيف أنشأوا تلك الإدارة الذاتية التي غيرت المجتمع وأنتجت واحدة من أفضل حالات الحرية الدينية والتماسك الاجتماعي في المنطقة. كيف دخلوا إلى مجتمعات مثل الرقة، التي كانت سابقاً تحت خلافة داعش، والآن نصف القادة فيها نساء وتوجد كنائس، على الرغم من أن معظم المسيحيين الذين فروا لم يعودوا؛ لكن بالتأكيد لا يوجد أي عداء تجاههم. هناك شكل جديد من التعايش تغير حقاً. حاولت أن أفهم كيف فعلوا ذلك وكيف يمكن للسياسة الأميركية أن تكون أفضل لتشجيعهم حتى يتمكنوا من الازدهار ومواصلة مشروعهم. وأيضاً، أن يأتي أشخاص من حكومة إقليم كوردستان لمساعدتهم. ما نراه هو هذا الاتحاد، بالطبع سمعت عن وحدة الصف الكوردي مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني وإقليم كوردستان، والمجلس الوطني الكوردي يدعم الإدارة الذاتية ولديهم الآن مؤتمر يوم الثلاثاء. المسيحيون الآن أكثر اتحاداً. والعرب الذين تحدثت معهم لا يريدون أن يكونوا تحت سلطة دمشق، كانوا سابقاً تحت حكم الإسلاميين ولم يكن الأمر جيداً بالنسبة لهم ولا يريدون تكرار تلك التجربة المريرة. كان من المشجع رؤية هذا التماسك، بدا أن هناك تفاؤلاً لدى الجنرال مظلوم والقادة الآخرين بأن محادثاتهم مع أحمد الشرع كانت جيدة. مفاوضاتهم كانت إيجابية. أملهم الحقيقي هو أن يتمكنوا من الاتحاد وفي الوقت نفسه الحفاظ على تلك المؤسسات المدنية والحكومية التي أنشأوها على مستوى الكانتونات والتي كانت مهمة جداً لمجتمعهم وتشارك فيها جميع الأديان والقوميات والمواقع المختلفة. ما لا يريدونه هو أن يصبح مقاتلو إدلب والمقاتلون الأجانب هم أمن قراهم أو أن يأتوا ويتولوا إدارة مجالسهم، بينما يقوم أهل المجتمع أنفسهم بهذا العمل ويجب أن يستمروا في القيام به. أعتقد أن هذا منطقي جداً. هناك طريقة يمكن بها فعل ذلك وحتى تقوية دمشق. إنهم لا يتحدثون حتى عن الفيدرالية، إنه شيء أقل من ذلك. أشبه بأن يستمر الكانتون المحلي ويصبح تحت سلطة دمشق. بالطبع، سيذهب بعض الأشخاص ويأتون، بعضهم يذهب إلى دمشق وبعضهم يأتي من دمشق، لكن لن يكون هناك احتلال. هذا هو الأمل. من هذا المنطلق، كان الأمر مشجعاً؛ لكن معظم المجتمعات الضعيفة جداً، مثل الإيزديين والعلويين، يرون هذا كنهاية. يعتقدون أنها ستكون نهاية مجتمعاتهم في الشمال الشرقي. لا توجد طريقة للبقاء إذا كانوا تحت حكم هؤلاء الإسلاميين. اضطروا للفرار عندما هاجم الجيش الوطني السوري عفرين. يقول جميع النازحين داخلياً انتظروا، لقد جربنا هذا من قبل ولم يكن جيداً. في شباط، كان هناك الكثير من الأمل في دمشق عندما زرتها، ولكن بعد ذلك وقع العنف المروع في آذار/ الذي هز البلاد، لأنه كان هناك أمل بأنهم ليسوا إسلاميين حقاً. لقد كانوا كذلك والآن يريدون أن يصبحوا الحكومة الرسمية. بالطبع، لا أعتقد أن هذا ما أراده الشرع. أعتقد أن رئيس سوريا لم يكن راضياً عن ذلك العنف. للأسف، يستمر كل يوم ويحظى بأقل تغطية إعلامية. سمعنا عن اختطاف نساء علويات. نحاول معرفة المزيد من التفاصيل، لكن كل يوم تظهر معلومات مقلقة للغاية حول أفعال هؤلاء الإسلاميين والمقاتلين الأجانب. لا أحد يريد هذا في الشمال الشرقي.
رووداو: هل التقيت بمظلوم عبدي؟
نادين ماينز: نعم.
رووداو: ما كان رأيه حول وحدة الصف الكوردي والمؤتمر؟
نادين ماينز: إنه متأثر جداً بهذا التوحيد. المحادثات سارت بشكل جيد جداً. لقاؤه مع الرئيس (مسعود بارزاني) كان إيجابياً للغاية. لديه اتصال مستمر مع المسؤولين هنا ويجتمع باستمرار مع المجلس الوطني الكوردي في الحسكة. التقيت بهم أيضاً وكانوا متأثرين. لديهم اجتماعات مستمرة، ويتواصلون، وشكلوا لجنة ستكون هي اللجنة التي ستذهب إلى دمشق للتفاوض بشأن بعض هذه الأمور. سيكون فيها نفس العدد من أعضاء المجلس الوطني الكوردي وحزب الاتحاد الديمقراطي، بالإضافة إلى شخصيات مستقلة أخرى.
رووداو: وماذا عن اتفاقه مع أحمد الشرع؟ هل كان إيجابياً؟ هل يعتقد أن أحمد الشرع سيلتزم حقاً بوعوده وتوقيعه؟
نادين ماينز: كان متحمساً لأن كل اجتماع عقدوه كان أفضل من سابقه. يعتقد أنه يمكن التوصل إلى اتفاق يكون مفيداً للطرفين. بالطبع، الاتفاق الذي وقعوه سابقاً كان مجرد بداية..
رووداو: مجرد عناوين رئيسية.
نادين ماينز: نعم، ولكن مع ذلك، كانت هناك بعض النقاط الإيجابية فيه. لأول مرة، اعترف بالكورد، وتحدث عن أهمية جميع الأديان والقوميات في شمال شرق سوريا. كما مهد الطريق لعدم تدخل هيئة تحرير الشام وبقاء قواتهم كأمن محلي. إذن، كان هناك الكثير من التفاؤل.
رووداو: حسناً. هل تحدثتِ عن عفرين مع مظلوم عبدي؟
نادين ماينز: نعم، تحدثنا جميعاً عن عفرين. حتى مع مساعدي الشرع، لأنهم أخبروني أنها كانت إحدى أولوياته وأنه أراد حل مشكلة عفرين بمجرد وصوله إلى دمشق.
رووداو: هل التقيتِ بالشرع في هذه الزيارة؟
نادين ماينز: لا، ليس هو شخصياً، لكنني التقيت ببعض مساعديه.
رووداو: في هذه الزيارة؟
نادين ماينز: في شباط.
رووداو: في فبراير. حسناً.
نادين ماينز: تواصلنا استمر وممثلوه أخبروني أن عفرين أولوية بالنسبة له. لقد ذهبت إلى هناك مرتين وكانت هناك رغبة في تغيير الإدارة حتى يتمكن الجميع من العودة. للأسف، لم يحدث هذا، لأن الجيش الوطني السوري، نفس الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم ضد الإيزديين والمسيحيين والكورد وأجبروهم على الفرار، تم تعيينهم الآن في مناصب حكومية. التقيت باتحاد الإيزديين في شمال شرق سوريا. عشرات العائلات لا تستطيع العودة لأنهم لا يشعرون بالأمان تحت سلطة الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم ضدهم. الأمر أشبه بالقول، داعش سيصبح الآن محافظاً أو رئيس بلدية لمدينتك. لذا مرة أخرى، يجب أن يكون السكان المحليون مسؤولين عن إدارة شؤونهم بأنفسهم. لا ينبغي لقادة ميليشيات الجيش الوطني السوري الإشراف على عفرين. أعلم أنه من الصعب طرد تركيا وتلك الميليشيات المدعومة من تركيا، أعتقد أن هذا وضع معقد نراه فيما يتعلق بالشرع الذي يحظى بدعم تركي، ولكن لديهم بعض الاختلافات في الرأي، ويبدو أن عفرين واحدة منها.
رووداو: نادين، عندما تنظرين إلى سوريا، وخاصة الأقليات، الإيزديون والمسيحيون والعلويون، سابقاً لم يكن نظام الأسد نظاماً دينياً؛ ولكن حتى ذلك الحين لم يشعر المسيحيون بأن لديهم حقوقاً في سوريا. الآن بعد أن تولى أحمد الشرع السلطة، عندما تتحدثين مع المسيحيين والإيزديين، بماذا يشعرون؟ هل يشعرون بالراحة والطمأنينة لمستقبلهم في سوريا؟
نادين ماينز: في شباط، عندما التقيت بالقادة الدينيين من جميع الأديان، معظم البطاركة والمجتمعات المسيحية المختلفة، حتى خارج دمشق، كان من الواضح أنهم يعتقدون أن الأسد قسّم سوريا إلى أغلبية وأقلية وحابى الأقليات وهمش الأغلبية. وهذا أثر على العلاقة بين هذه المجتمعات. كان طلبهم منا هو أنهم لا يريدون أن تتم حمايتهم كأقليات في سوريا. كانوا يطالبون بالمواطنة المتساوية، يريدون العيش مع جيرانهم السنة وأن يتمتعوا بنفس حقوق المواطنة. لا يريدون أن يميزهم المجتمع الدولي. كان الأمر مثيراً للاهتمام للغاية، لأنه على الرغم من أن الأسد لم يكن دينياً ولم يبد أن الدين جزء كبير من عمله، إلا أنه استخدمه لتقسيم الناس وهذا منحه المزيد من السلطة. الآن الناس قلقون للغاية بسبب العنف في المنطقة الساحلية، أسوأ مخاوفهم تحققت. بالنسبة للإيزديين تحت حكم الأسد، كان قد غير القانون ليعتبروا مسلمين ولا يستطيعون التعريف بأنفسهم كإيزديين. هذا يهمش المجتمع تماماً ويجعلهم إذا قالوا إنهم إيزديون، يُنظر إليهم كمرتدين، لأن هوياتهم تقول إنهم مسلمون. وهذا يجعلهم أكثر ضعفاً في مواجهة المتطرفين. من المهم، أياً كان من يدير سوريا، أي حكومة تكون في السلطة، أن يكون لكل شخص الحق في التعريف بنفسه كدين وقومية خاصة به، ويجب أن يتمتع الإيزديون بهذا الحق أيضاً.
رووداو: هل تشعرين بالتفاؤل بشأن مستقبل سوريا، خاصة بالنسبة للأقليات والأقليات الدينية مثل الإيزديين والمسيحيين والدروز؟
نادين ماينز: نعم، أرى طريقاً لسوريا قوية، حتى مع وجود هذه الحكومة. أعتقد أن هناك طريقة يمكن أن تجعل الشرع يسيطر على بلاده كرئيس، مع وجود بعض المؤسسات الديمقراطية التي تمثل الشعب، وأن يحافظ شمال شرق سوريا على مؤسساته، وربما يفعل الدروز شيئاً مشابهاً. أن يكون هناك دستور يحمي حقوق الجميع ويمنح المواطنة للناس. هذا سيؤدي إلى دعم دولي وبهذه الطريقة يمكن لسوريا أن تتعافى بسرعة، ولكن إذا همش الأقليات وقال، نحن الجمهورية العربية السورية، أبعدوا أي شخص آخر، فقط السنة يجلسون في المقدمة والآخرون في الخلف، فهذا يرسل رسالة سيئة للمجتمع الدولي. لا أعتقد أنهم سيكونون مستعدين في هذا السيناريو لرفع العقوبات. لذا أعتقد أنه من مصلحته ومن المهم أيضاً أن يفهم المجتمع الدولي أنهم لا يقدمون له خدمة برفع العقوبات دون قيد أو شرط، لأنه بحاجة إلى ذريعة لهذه التغييرات أمام قاعدته الشعبية التي ليست سعيدة بهذا. إذا قالوا، افعل ما تشاء من أجل العقوبات وفعل ذلك، فسيغضب الناس منه لأنه فعل ذلك بمحض إرادته. أعتقد أنه يجب أن يبدو الأمر وكأننا أجبرناه. حينها يمكنه أن يقول تعلمون ماذا، اضطررنا لفعل ذلك بسبب هذا. لذا أعتقد أن ضغط المجتمع الدولي يوفر له غطاءً يساعده على اتخاذ هذه القرارات الصعبة.
رووداو: كيف تصفين سياسة الولايات المتحدة الحالية تجاه سوريا؟
نادين ماينز: أعتقد أنهم لايزالون يحاولون فهمها. من الواضح أن هناك قلقاً كبيراً بشأن ماضيه الإسلامي وهذا له أسباب وجيهة. أعلم أنهم لم يتواصلوا معه مباشرة. يبدو أنهم في الوقت الحالي لا يعترفون حتى بالحكومة كحكومة شرعية. آمل عندما أعود من رحلتي، أن أتمكن من تقديم تقرير للمسؤولين الحكوميين حول ما سمعته ورأيته، والطرق للمضي قدماً التي أعتقد أنها يمكن أن تكون نجاحاً لسوريا، لجميع الأطراف. إنها بلد متنوع جداً، إذا نظرت إلى خريطة التنوع الديني، هناك عدد كبير جداً من الأديان والقوميات المختلفة. لديهم تاريخ طويل من التعايش السلمي. إذا نظرت إلى السنوات الأولى، لم تكن الحرب في كل سوريا، كانت فقط في عهد نظام الأسد. إذن كيف نتجاوز سنوات نظام الأسد؟ أعتقد أنها بحاجة إلى مصالحة عميقة. هناك توتر طائفي حقيقي بين السنة والعلويين، على سبيل المثال، وهو ما نرى معظم العنف ينبع منه الآن. هناك طرق يمكن للشرع أن يستقدم بها خبراء فعلوا هذا في رواندا ودول أخرى، ساعدوا على الشفاء بعد فظائع مروعة، وهو ما تحتاجه سوريا. إذن هناك الكثير مما يمكن فعله لدفع سوريا إلى الأمام. آمل ذلك، لكني أعلم أيضاً أن هناك الكثير مما يمكن أن يسير بشكل خاطئ. لذا من المهم ألا نسبب ضرراً. يجب أن نكون حذرين جداً في نشر معلومات مضللة أو التحدث عن شيء غير صحيح، لأن هذا يؤدي إلى زيادة التوتر الطائفي. يعتقد الناس أنهم يتحدثون عن مذابح جماعية للمسيحيين، لكن هذا لم يحدث. هذا فقط زاد التوترات في البلاد ولم يساعد أحداً. يجب أن نكون حذرين جداً في كيفية حديثنا عن سوريا، لأننا لسنا بحاجة إلى جعل الوضع أسوأ مما هو عليه.[1]