(العقوبات الاقتصادية).. هل تفرض على السلطات أم على الشعوب ؟
هل ستخوض تركيا الصراع مع “الفيلة” في سوريا ؟
مصطفى عبدو
العقوبات الاقتصادية هي مجموعة من الإجراءات والتدابير الاقتصادية التي تفرض على دولة أو منظمة أو غيرها على خلفية قيامها بأعمال عدوانية أو تهديدها للسلم الدولي أو تعاملها مع مواطنيها بشكل غير عادل أو انتهاكها للعهود والمواثيق الدولية.
وتُستخدم هذه العقوبات غالباً كسلاح بديل عن الحرب لذلك فهي تستهدف السلطات السياسية للجهة المستهدفة ل”إحراجها ” والضغط عليها وبالتالي إرغامها على تعديل سياستها.
لكن من الملاحظ أن العقوبات الاقتصادية تكاد تكون عديمة الفعالية على السلطات المستهدفة في وقتنا الراهن على الأقل وكل تأثيراتها وفعاليتها تتجه نحو الشعوب التي تدفع الثمن بشكل مباشر ومضاعف بسبب الأذى التي تلحق بها أكثر ما تلحق بالسلطات والأمثلة على فشل العقوبات في تحقيق أهدافها كثيرة.
مؤخراً وخلال شهر شباط المنصرم ناقش مجلس الأمن قضية العقوبات الاقتصادية الدولية وما قد يترتب عليها من تأثيرات على حياة الشعوب وليس الحكام، خاصة في وقت يواجه فيه العالم تحديات متعددة من ضمنها تفشي وباء كورونا.
أكد المجتمعون على أنه ” يجب على مجلس الأمن أن يتأكد من أن العقوبات المفروضة ليست لها أي تأثير على الجوانب الإنسانية أو عواقب غير مقصودة ولابد من استخدام العقوبات بحذر، وأن لا تتحول إلى أداة انتقامية، وأن ترتبط بما يحدث على الأرض من تطورات في الحالات التي فرضت فيها، ولذلك فإنه لابد أن تكون هناك مراجعة مستمرة لها لكي تخدم تحقيق الأهداف التي فرضت من أجلها، وأن لا تتحول إلى عامل من عوامل تعقيد الأوضاع، وهذا ما يستدعي ضرورة أن تتميز العقوبات بالمرونة”.
كل المناقشات والاجتماعات ليست سوى ذر الرماد في العيون بالنسبة إلى الشعوب المتأثرة وتبقى العقوبات الاقتصادية كما هي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على الشعوب التي تعيش في المناطق المستهدفة، إذا لم تراع هذه العقوبات حياة الشعوب أثناء تطبيقها ، وإذا لم يتم البحث عن سبل وأدوات من شأنها التخفيف عن المواطنين وإذا لم تعمل الوكالات التي تعمل في الحقل الإنساني بواجبها الأخلاقي،وإذا لم تلتزم الدول بالمعايير الخاصة بالقانون الدولي الإنساني وقوانين حقوق الإنسان.
بالمحصلة،هناك إشكاليات كثيرة حول مسألة العقوبات وما يترتب عليها من تأثيرات سلبية، ومن الواضح أن أمر العقوبات له اعتبارات سياسية ومصلحية وأن القانون الدولي يوظف لخدمة مصالح هذه السياسات و أن ما تتحدث به الدول عن المواثيق الدولية والحقوق والحريات والعدالة والمساواة مجرد شعارات وصدى لا تلبث أن تتوقف عند التقرب منها. وستظل الشعوب المحترقة بنيران العقوبات تعالج جروحها بصمت وبدون أمل..[1]