#صباح كنجي#
بعد انقلاب شباط 1963 واعلان الكفاح المسلح ونشوء المقرات الشيوعية في كردستان تتداخل في اوراق توما توماس صفحات الكفاح السياسي و الصراعات الاجتماعية مع الدور الذي لعبه كمكافح ثوري وقائد عنيد في صنع الأحداث.. ليبرز كوجه من وجوه الثورة.. خطط و طور بؤر الكفاح المسلح.. وتمكن من استقطاب المؤيدين لخطواته ومواقفه الشجاعة.. تعدى تأثيره جمهور الحزب الشيوعي العراقي والمنتمين له.. لتشمل جمهرة واسعة من المضطهدين من الآشوريين والكلدان والسريان والشبك والفلاحين الكُرد.. الذي وجدوا في مواقفه سنداً قوياً لهم في مواجهة الظلم المسلط عليهم من قبل السلطة الفاشية من جهة وسلطة الآغوات والشرائح الانتهازية العشائرية.. المنتفعة من الثورة الكردية التي منحتها غطاء.. كانت تتجاوز على حقوق الفلاحين باسم الثورة واستحقاقاتها.. وأسفرت هذه الممارسات عن حالات مواجهة بين الشيوعيين ورموز محسوبة على الثورة الكردية.. تطرق اليها بالتفصيل وذكر اطرافها.. دون ان ينحدر الى التشنيع والتحقير.. بالرغم من لجوئه في الكثير من صفحاته الى السخرية من تلك المواقف ..
كان أبرزها ما خطط له في السر العديد من كوادر الحزب الديمقراطي الكردستاني للإيقاع بينه وبين البارزاني ومعاونه حسو ميرخان .. الذي استُدرجَ في اكثر من موقف وحالة لمواجهة الشيوعيين.. لكنه كان يكتشف اكاذيب ومؤامرات اتباعه ورفاقه.. ويضع تفاصيلها امام كاتب الأوراق .. والبعض من هؤلاء المتآمرين جيرانه في مدينة القوش.. ومن باعذرة والنصيرية.. الذين ذكرهم بالأسماء الصريحة.. لم يكتفوا بهذا وتمادوا بالتنسيق مع اجهزة الدولة والجيش للإيقاع به ومن معه في القوش مسقط رأسه..
واصبحوا جزء من تشكيلات الجحوش في عهد سلطة عبدالرحمن عارف واصلوا ممارسة نفس الدور حينما اقتحموا القوش من جديد.. لكنهم ولوا هاربين منها.. حينما ادركوا انه ومن معه لن يستسلموا وسيردعونهم ان تجاوزوا حدودهم رغم تطويقهم لداره..
وفي خضم هذا التداخل والصعوبات التي واجهها الشيوعيون.. توضح الاوراق.. اصرار المجموعة الاولى من الشيوعيين.. لتثبيت اقدامها في كردستان وتعزيز دورها في المجتمع.. تقرر وضع الخطط للحصول على السلاح.. تبدأ بمهاجمة قرى المرتزقة ونصب الكمائن و السيطرات للجيش بنجاح.. تكون حصيلتها عدداً من البنادق والمسدسات بالإضافة الى اول دفعة من خمسة بنادق كلاشنكوف استحوذ عليها الانصار الشيوعيون في منطقة بيت نار بالقرب من الشيخان .. هذا بالإضافة الى ما تبرع به جمهور الحزب من بنادق وعتاد او تم وضعه كأمانة لدى المقاتلين من قبل الفلاحين المتعاطفين معهم..
لا تتوقف الاوراق في سرد التحولات الدراماتيكية التي اعقبت الانقلاب والانتقال لممارسة الكفاح المسلح وصعوباته فقط.. بل تتعداها الى ما يتعلق ببروز حالة تخريب داخل الحزب تمثلت بالسلوك غير الطبيعي لشخصية مصلح رشيد الجلالي كاكه أحمد من كركوك.. الذي كان قد عوقب حزبياً ونحي من لجنة فرع كردستان وابعد الى الموصل .. لينسب الى محلية نينوى حيث شغل موقعاً قيادياً فيها واستغل موقعه بعد استشهاد طالب عبدالجبار ليعبث بمقدرات الانصار .. يسئ التصرف ويميل لخلق العلاقات المتوترة بينهم.. ويسعى لافتعال العداء بين شرائح المجتمع.. والمواجهة والصدام مع ممثلي الحزب الديمقراطي الكردستاني ورؤساء العشائر.. حيث ورد ( ولم تقتصر اساءة مصلح على التنظيم الحزبي فقط، بل اساء الى نفسه ايضا بسبب تصرفاته الصبيانية او تصريحاته الاستفزازية، وكثيرا ما تدخلت شخصياً لإيقاف ملاحقته، ففي منطقة الدوسكي مثلا اثناء احدى جولاته كاد علي خليل خوشوي أن يعتقله لولا هربه الى منطقتنا، وحاول غازي حجي ملو اعتقاله ايضا، لكن بحكم علاقتي القوية مع غازي طلبت انهاء الموضوع) ص45
لا تتطرق الاوراق لسبب محاسبته وابعاده عن كركوك الى الموصل.. وهي المرحلة التي كتب عنها توماس. علما أن ما اعقبها من نهاية كان اسوء بكثير .. حيث انكشف مصلح رشيد الجلالي لاحقاً كعميل وجاسوس تعامل مع اجهزة القمع ونسب يا للسخرية من قبل البعث في السبعينيات للإشراف على مديرية الثقافة والنشر الكردية ..
علمت من الفقيد (ز.. د).. ان مصلح رشيد الجلالي.. كان الشاذ الوحيد من بين كوادر الحزب الشيوعي في كركوك يحرض على الاقتتال والاغتيالات في المدينة حينها.. أرى من الضروري تثبيتها كما وردتني بالنص منه اثر تحويلي له مادة كتبت عن أحداث كركوك حديثاً ..
( عزيزي صباح
كل عام وأنتم والأهل بخير
شكراً جزيلا لإرسالك للمادة المتعلقة بحوادث كركوك التي فرحت بها في بادئ الأمرْ اعتقاداً مني بأن الرجل قد جاء بشيء جديد، ولكنه كالعدة جاءنا خالي الوفاض دون أن يتجاوز ما كتب حتى الآن من الافتراءات غير الحيادية تجاه هذه الحقبة الدقيقة .
إن الوصول إلى كشف الحقيقة التاريخية يفترض أن يكون قد شارك المرء في لقاءات ممثلي شركة نفط العراق والقوى الرجعية من الارستقراطية التركمانية (الطورانيون). لم يتم الوصول إلى رأس المخطط . ولعب الحزب الشيوعي منظمة كركوك واللجنة المركزية دوراً سلبياً في الدفاع عن نفسه وذلك بالركون إلى الصمت وعدم القاء الذنب على عاتق الرجعيين والشركة. لقد رأيت بعيني كيف كان الشيوعيون يحاولون إنقاذ رفاقهم من الموت المحقق وكانوا يسحلون بلا رحمة. إذا كان الحزب مشاركاً في المؤامرة فلماذا يضرب أعضاءه و مؤيديه؟!.
هناك التباس خطير كان ينبغي أن يضبطه الحزب، ولكنه لم يفعل
وللحقيقة والتاريخ يقال أن بعض الشيوعيين، اشتركوا مع الفوضويين. من هؤلاء مصلح الجلالي، عضو اللجنة المحلية. كنت أتمشى مع صديقي زكي صديق في ساحة الانضباط العسكري، عندما وقفت سيارته بالقرب منا. قال بالحرف الواحد ز..، أذهب أنت وصديقك إلى مخزن أفروديت و أكسروه واسحلوا صاحبه ثم انصرفت السيارة. و بقينا أنا وزكي ونحن لا نصدق ما رأيناه بأعيننا. كان هو جالسا في المقعد الخلفي بين مسلحين أثنين وثمة مسلح يجلس جنب السائق. قلت لزكي: إن هذا التصرف فاشي. سأكتب تقريرا مفصلا إلى الحزب، أطالب فيه تحديد الموقف تجاه هذا التصرف الفاشي. قال زكي باستهزاء:
لا تتعب نفسك، إن رسالتك ستصل إلى يده هو.
في اليوم الثاني سلمت التقرير ولم أستلم أي جواب. أنا ما زلت مقتنعاً أن الشيوعي الذي يرتبط بأسمى شروط الإنسانية لا يسمح لنفسه بالقيام بمثل هذه التصرفات الفاشية.
إن مخلوقات تافهة أمثال مصلح هم الذين تسببوا انتكاسات الحركة
ملاحظة
يمكنك الاشارة إلى ما ذكرت في كتابة ما ولكن دون الاشارة إلى أسمي الصريح
مودتي وتقديري
ز.. د )
والسؤال الذي يتبادر للذهن ونحن نقرأ ما كتبه توماس عن السلوك التخريبي لمصلح رشيد الجلالي ..
هل كان المذكور عميلا للسلطة قبل محاسبته وابعاده الى الموصل في فترة عبدالكريم قاسم؟ .. واصل برنامجه التخريبي بعد الانقلاب ؟.. أم انه نسج علاقاته مع سلطة عارف لاحقاً؟ ..
ان شخصية مصلح رشيد رغم أهمية ما ورد عنه في الاوراق مع شهادة الفقيد (ز) تتطلب المزيد من البحث والتقصي وقد تسفر الحقائق المخفية عن دوره للكشف عن ملابسات الصراعات الاجتماعية في كركوك بعد الثورة .. بدلاً من الاحتفاء به للأسف الشديد..
حيث قرأت خبراً عنه في مقال كتبه فوزي الأتروشي في 6-12-2014 بعنوان .. خطوات للنهوض بدار الثقافة والنشر الكوردية في بغداد.. ورد فيه .. (اما في مجال النشاطات فقد تقرر اقامة حفل استذكار لمدير عام دار الثقافة والنشر الكوردية الاسبق الاستاذ مصلح الجلالي للحديث عن منجزاته) ..[1]