تزخر منطقة ديريك بالمواقع الأثرية وفي كل شبر من أرضها قصة من قصص الإنسان منذ بدء التاريخ وحلقة من حلقات الحضارة التي تتكشف أسرارها يوماً بعد يوم.
المؤرخ والكاتب بهجت حسن أحمد من المهتمين والدارسين لتاريخ المنطقة أصدر في الآونة الأخيرة كتابين جديدين باللغة العربية يتناولان أهم الأحداث والمجريات التاريخية القديمة والحديثة التي شهدتها مدينة ديرك وريفها.
الكتابان هما “المدخل إلى تاريخ ديرك الحديث”، وكتاب “الموسوعة الشاملة لتاريخ ديرك القديم وقراها” وهما أول كتابين أكاديميين يوثقان الأحداث والتواريخ حول ما شهدته ديرك من أهم التطورات والأحداث التي مرت بها عبر تاريخها القديم وحتى عصرنا الحالي، حيث اعتمد مؤرخ الكتابين على الوثائق والمراجع التاريخية الأجنبية والعربية المصادر والمراجع العربية والأجنبية والأرشيف الذي تناول المنطقة ودراسات ميدانية مع البعثات الأثرية في مناطق ديرك إلى جانب آراء معمري مدينة ديرك.
كما تطرق الكتابان إلى نتائج زيارات الرحالة والمستشرقين الأوربيين والمسلمين مثل قيام عدد من الممالك القديمة ومدن مهمة نذكر منها مدينة “اوزخينو الهورية” التي تقع أطلالها إلى الغرب من موقع ديريك الحالي على نهر السفان بالقرب من قرية كري فرا الحالية وهي مدينة بناها الهوريون الذين يعتبرهم الشعب الكردي أحد أسلافهم، وكذلك مدينة “ايل مان” العاصمة الإقليمية للمنطقة في عهد الدولة الآشورية الحديثة حسب لوح حجري مكتشف في قرية “بورزة” ومحفوظ في متحف دمشق حيث كان موقع “إيل مان” هي قرية بورزة الحالية على بعد حوالي 3 كم من ديريك، فضلاً عن “بازبدي” عاصمة مملكة بيت زبدي السريانية التي كانت عاصمة مملكة بيت زبدي السريانية على بعد حوالي 17 كم من موقع ديريك الحالي.
ومن أهم التواريخ التي تطرق إليها الكتابان حول ما شهدته ديرك حديثاً “في عام 1933 إذ تحولت ديريك إلى بلدة بموجب القرار 1414 الصادر عن سلطات الانتداب الفرنسي يوم 18 تموز”، وفي عام 1936 أصبح اسمها قائم مقامية باسم قائم مقامية دجلة، وفي عام 1938 تم نقل مركز المنطقة من عين ديوار إلى ديريك، وفي عام 1957 تم تعريب اسمها إلى المالكية.
بلغ السكان في عام 1930 حوالي 900 نسمة وارتفع العدد عام 1970 إلى أكثر من سبعة آلاف وفي إحصاء عام 2004 بلغ عدد السكان حوالي 26 ألف و311 شخص، ويتوقع أن عدد سكان المدينة بلغ عام 2010 حوالي 73 ألفاً يوجد في المدينة حوالي 18 حديقة عامة وسبعة جوامع ومثلها من الكنائس فضلاً عن مشفى قديم ومشفى جديد يعد أحد أكبر المشافي في محافظة الحسكة”.
اعتمد الكاتب بهجت أحمد في تأليف كتاب المدخل إلى تاريخ ديرك الحديث على المراجع والمصادر العربية والأجنبية ورسائل المستشرقين والرحالة حول المنطقة، بالإضافة إلى صور توثيقية، ويتناول مختلف المراحل التاريخية.
أما كتاب الموسوعة الشاملة لتاريخ ديرك وقراها وتوثيق تاريخها وخاصة ناحيتي جل آغا وتل كوجر وقراها فهي دراسة أكاديمية بحتة من خلال المراجع والمصادر التي اعتمد عليها في تأليف الكتاب، لأن معظم الذين يدونون الكتب لا يعتمدون على أي مراجع وخاصة في ظل هذه الأزمة.
منطقة ديريك تعتبر من أقدم المناطق ولها حضارة عريقة وجذور تاريخية قديمة شهدت التراث الحضاري في تاريخ البشرية ومثل هذه الأعمال هدفها خدمة أبناء المنطقة للتعرف على تاريخ منطقتهم التي شهدت أحداث تاريخية مهمة، والكتابين سيكونان مصدراً قيماً للبحث والتعرف على المنطقة وتاريخها وإغناء للمكتبة التاريخية.[1]