عنوان الكتاب: النجاة بعد اختفاء الدولة الإسلامية: استراتيجية صمود الحركة الكردية السورية
اسم الكاتب(ة): هايني وآرتور كويسناي
تأريخ الأصدار: 2020
أصبح #حزب الاتحاد الديمقراطي# – وجناحه المسلح وحدات حماية الشعب – منذ عام 2014 قوة سياسية وعسكرية أساسية في الحرب ضد الدولة الإسلامية (#داعش# ) في سوريا. وقد مكّنه دعم التحالف الغربي من استعادة كامل الشمال الشرقي، ومن إنشاء إدارة ذاتية قادرة على حكم السكان والاقتصاد والأراضي، على الرغم من تبنّيها لأيديولوجيا يراها معظم الخاضعين لسيطرتها على أنها دخيلة. لكن سقوط دولة الخلافة عام 2019 جاء بمثابة تهديد لهذا النظام السياسي-العسكري. كما أن التقارب بين هذه الحركة الكردية السورية وحزب العمال الكردستاني دفع تركيا إلى التدخل، خاصةً بعد هزيمة داعش التي أدّت إلى تراجع أهمية الحركة والزخم الأميركي الداعم لها.
أعلنت تركيا عن عملية نبع السلام في09 -10- 2019، بعد اطمئنانها إلى عدم استعداد الولايات المتحدة لدخول مواجهة ميدانية معها. وهدفت العملية إلى إبعاد قوات سوريا الديمقراطية – التي تشكل وحدات حماية الشعب قوات النخبة فيها – عن الشريط الحدودي بغرض تشكيل منطقة آمنة يُنقَل إليها جزء من اللاجئين السوريين المقيمين على الأراضي التركية. وقد تمكّنت تركيا، بفضل تدخل القوات الرديفة المسماة بالجيش الوطني السوري، من بسط نفوذها على المنطقة الممتدة من تل أبيض وحتى رأس العين، أي على مساحة أكثر من 1000 كم2. وفي 17 تشرين الأول، وقّعت الولايات المتحدة وتركيا اتفاق وقف إطلاق نار مؤقتاً لمدة خمسة أيام. وقد نصّ الاتفاق على أن القوات المسلحة التركية هي الفاعل الرئيسي في تفعيل المنطقة الآمنة، دون إعلان حدود واضحة لها، وهو ما منح تركيا ضوءاً أخضر لتحقيق طموحاتها المعلنة المتمثلة في استكمال الهجوم على الشريط الممتد من جرابلس غرباً وحتى الحدود العراقية شرقاً، أي بطول 440 كم وعمق 300 كم.
من جهتها، بعدما حوصرت واقتنعت بعجز شريكها الأميركي عن حمايتها من الهجوم التركي، عقدت قوات سوريا الديمقراطية في 14 تشرين الأول اتفاقية عسكرية مع دمشق برعاية روسية، سمحت بإعادة عدد محدود من جنود الجيش السوري إلى الحدود التركية. بدا للوهلة الأولى أن الحركة الكردية استسلمت وسمحت للنظام السوري بالعودة دون قتال إلى منطقة انسحب منها قبل 7 سنوات.ورغم الاضطراب الذي أصاب الحركة، إلا أنّها لم تُهزَم ولم تنحلّ، وما زالت تمتلك عدة أوراق في لعبة تزداد تعقيداً لدى جميع الفاعلين المعنيين. وما زالت الحركة تسيطر على مناطقها وقواتها العسكرية، بالإضافة إلى الموارد النفطية وهياكل الحكم، وهو ما يُتيح لها الاحتفاظ بمنظومة سياسية بديلة لا تزال يعمل حتى بعد عودة نظام مستنزف أكثر من أي وقت مضى. وعليه فإن الحركة تبقى الفاعل الرئيسي الذي يحارب داعش بدعم من التحالف الدولي، والذي يؤمّن تواجده – مهما كان محدوداً – استقراراً لنموذج حكم الأمر الواقع الكردي في كافة مناطق الشمال الشرقي.
تعرض هذه الدراسةأولاً القيود والفرص الجديدة التي وجدت فيها الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية منذ تشرين الأول 2019، وذلك عبر قراءة استراتيجيات الفاعلين الإقليميين والدوليين الرئيسيين في شمال شرق البلاد. بعد ذلك تنظر في قدرة الحركة الكردية على التأقلم، والتي مكّنتها من التغلب على مختلف الضغوط التي تتعرض لها (المواجهة مع تركيا، انبعاث تنظيم داعش، ومحاولات النظام بثّ الاضطرابات، وعودة الجيش السوري، والانسحاب الأميركي). وفي النهاية تتساءل الورقة عن استمرارية الوضع الحالي والمخاطر الكامنة خلف التوازن الحالي الهشّ.[1]