اللغة الكردية إحدى لغات الثورة
سيما بروكي
يستقبل الكرد في شمال وشرق سوريا يوم اللغة الكردية بإحداث ثورة في اللغة، حيث أصبح التعليم والسياسة والثقافة والفن والإعلام والاقتصاد باللغة الكردية.
يصادف اليوم، 15 أيار، يوم اللغة الكردية، حيث أصدر عدد من المثقفين والمفكرين الكرد كعثمان صبري، وقدير جان، وجكر خوين، ومصطفى بوطي، وأحمد نامي، وحسن هوشيار، وبشار نيروان، ورشيد كرد، وكوران، وتوفيق وهبي، وعبد الخالق عسيري، وشاكر فتاح، وهفيندي سوري، تحت إشراف جلادت بدرخان مجلة باسم هاوار في دمشق، في مثل هذا اليوم من عام 1932.
واستمرت المجلة حتى عام 1943، وتميزت بأنها أول مجلة تُصدر بالأحرف اللاتينية، ما أحدث علامة فارقة في اللغة والصحافة الكردية، ما دفع بالمؤتمر القومي الكردستاني (KNK) عام 2006 إلى إعلان 15 أيار يوماً للغة الكردية.
وتحتفل المؤسسات الكردية بهذه المناسبة كل عام، من خلال إصدار بيانات وإعداد برامج مختلفة.
تستمر المخاطر المحيطة باللغة الكردية من عيد لآخر، وعلى الرغم من النضال الكبير، لا تزال اللغة الكردية من بين اللغات المهددة في العالم، لكن النضال الذي خاضته حركة التحرر الكردستانية خلال عشرات السنوات الماضية ساهم في اتخاذ خطوات مهمة على صعيد اللغة أيضاً.
وتتجسد أبزر هذه الخطوات في شمال وشرق سوريا، فمع ثورة 19 تموز، أصبح ميدان اللغة أحد أبرز ميادين النضال. وخلال السنوات ال 10 للثورة، ومن السياسة إلى التعليم والاقتصاد والثقافة والفن والإعلام، تم بناء نظام شامل يمكن أن يكون نموذجاً يقتدي به جميع الكرد.
=KTML_Bold=السياسة=KTML_End=
مع تأسيس الإدارة الذاتية، سُنت قوانين وأُصدرت قرارات خاصة باللغات أيضاً. فحسب العقد الاجتماعي في شمال وشرق سوريا، تُعتمد اللغات، الكردية والعربية والسريانية كلغاتٍ رسمية في المنطقة، حيث يجب أن تكون جميع القوانين والقرارات والبيانات الصادرة عن الإدارة الذاتية ومؤسساتها بهذه اللغات الثلاث.
وتقوم كافة المؤسسات والأجهزة في المناطق ذات الغالبية الكردية، بعقد اجتماعاتها وإصدار قراراتها وبياناتها باللغة الكردية.
=KTML_Bold=قاموس يشتمل على مصطلحات تتعلق بعمل مؤسسات الإدارة=KTML_End=
وفي سياق تطوير اللغة الكردية على الصعيد السياسي، تستمر الأعمال الكتابية، حيث تعد مؤسسة اللغة الكردية (SZK) قاموساً يتعلق بلغة وأسلوب الإدارة. وقد أشار عضو مؤسسة اللغة الكردية ميلاد غزالة، إلى أنهم بدأوا بإعداد القاموس من أجل مؤسسات الإدارة الذاتية وعُلّق على محتواه، قائلاً: سيحتوي القاموس على مصطلحات متعلقة بالبيانات، والخطابات، والأرشيف، والقرارات وغيرها.
=KTML_Bold=التعليم=KTML_End=
يجري القيام بعملٍ مهم يتعلق باللغة في مجال التعليم أيضاً، فحسب هيئة التربية والتعليم في شمال وشرق سوريا، توجد في المنطقة 4 آلاف و931 مدرسة (ابتدائية وإعدادية وثانوية)، يدرس فيها نحو 834 ألفاً و691 طالباً وطالبة، بالإضافة إلى جامعة روج آفا في قامشلو وجامعة كوباني في كوباني وجامعة الشرق في الرقة.
ويكون التعليم في جميع المناطق التي يعيش فيها الكرد والمكونات الأخرى معاً باللغتين الكردية والعربية، أما في المناطق التي يعيش فيها الكرد فقط، يكون التعليم فيها بأكمله باللغة الكردية مع مادة اللغة العربية. وأُعدت كافة المناهج التعليمية وفقاً لهذا، أي تم إعداد كافة المناهج باللغة الكردية أيضاً. ويجري التدريس في الجامعات أيضاً باللغة الكردية، حيث أُعدت المناهج والمواد فيها وفقاً لهذا. كما افتُتحت كلية الأدب الكردي أيضاً.
=KTML_Bold=الطلبة: للحياة باللغة الكردية معنى آخر=KTML_End=
أشارت الطالبة خلات محمد التي تدرس المرحلة الإعدادية في قامشلو إلى أن التعلّم باللغة الأم (الكردية) يضفي على الحياة معنىً أعمق، وأوضحت: نحن ندرس تاريخنا وثقافتنا، وسننقل هذا العلم إلى مستقبل مجتمعنا.
وذكر مدرّس اللغة الكردية ريزان حمو، أنه يجري تعديل المناهج وتنقيحها سنوياً، لتصبح أكثر ملاءمة، ما يزيد من اهتمام الطلبة الكرد باللغة والوطن.
https://www.hawarnews.com/ar/uploads/files/2023/05/14/191531_sexa-ehme.jpg
أما الأم شيخة أحمي التي يدرس اثنان من أبنائها باللغة الكردية، فأوضحت أن التعلّم باللغة الأم يعد فرصة عظيمة. وتابعت: لم نتمكن من تعلّم اللغة الكردية عندما كنا صغاراً، والفرصة أصبحت متاحة لأطفالنا وهي جيدة جداً.
=KTML_Bold=الحياة الاجتماعية والاقتصادية=KTML_End=
تشهد الحياة الاجتماعية والاقتصادية تطوراً في مختلف الميادين، فقبل ثورة 19 تموز، كان التحدث باللغة الكردية في أي مكان ممنوعاً، ويُحظر إطلاق أسماء كردية على المحال والمتاجر.
واليوم وبعد مرور 10 أعوام على الثورة، دخلت اللغة الكردية مختلف جوانب الحياة، في الأسواق والحياة العامة، وأصبحت أسماء المحال والمتاجر باللغتين الكردية والعربية. ويمكن القول إن لغة الاقتصاد تتحوّل إلى الكردية.
=KTML_Bold=الثقافة والفن والأدب والسينما=KTML_End=
أصبح الأدب والفن والثقافة والسينما الكردية، خلال السنوات ال 10 للثورة، عنواناً، فحالياً، يوجد في شمال وشرق سوريا عشرات الفرق الموسيقية والمسرحية، وفرق الرقص والأطفال، التي تقدّم أعمالها ونتاجاتها باللغة الكردية، كما يقام في المنطقة سنوياً مهرجان موسيقي باسم أوركيش.
ودخلت السينما الكردية منذ عام 2015 مرحلة جديدة من الإبداع والإنتاج، وافتُتح برعاية كومين فيلم روج آفا التابع لحركة ميزوبوتاميا للثقافة والفن، العديد من ورش العمل في كل من قامشلو وكوباني وغيرها من المناطق، كما افتُتحت دورات وإعداد عشرات السينمائيين، وأُنتج حتى الآن نحو 10 أفلام، ومسلسلات ووثائقيات. وبهدف تطوير السينما، يجري التخطيط لافتتاح أكاديمية سينمائية أيضاً.
=KTML_Bold=260 كتاباً كردياً ومعارضُ للكتب=KTML_End=
وصل الأدب الكردي اليوم إلى مرحلة الإبداع، بعدما أثمرت الجهود التي تجري تحت مظلة المؤسسات الثقافية، وحسب ديوان الأدب في شمال وشرق سوريا، فقد أُصدر منذ عام 2016 وحتى اليوم، 260 كتاباً باللغة الكردية ويختلف تصنيفها بين الشعر والرواية والقصة والأدب.
كما يجري إعداد وتأهيل كتّاب وأدباء كرد في كلية الأدب الكردي، ومنذ عام 2022، وبهدف تشجيع وتطوير الأدب الكردي والكتابة والقراءة الكردية، افتُتح معرض للكتب الكردية، بالإضافة إلى عقد المثقفين والكتّاب، وفقاً للبرامج الصادرة، ندوات ومحاضرات حول الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفنية والأدبية.
=KTML_Bold=الإعلام الكردي=KTML_End=
يقوم الإعلام الكردي بنقل وإيصال جميع أنشطة الثورة وأعمالها، بما فيها المتعلقة باللغة، إلى المجتمع، فقد أصبح العمل الإعلامي الذي تحوّل إلى عمل مؤسساتي مع موجة الثورة الآن، بحراً لتلقّي المعلومات ومصدراً للغة والثقافة. ويوجد في المنطقة 3 محطات فضائية، و3 وكالات أنباء، و16 إذاعة، وعشرات الصحف ومئات الصفحات والمواقع الإلكترونية التي تُبث باللغة الكردية.[1]